هل يفكّر عون بنسخ التاريخ والتمسّك بالرئاسة بعد انتهاء ولايته؟
مصير مشترك للانتخابات النيابية والرئاسية!
منذ فترة تحدّث نواب في تكتل “لبنان القويّ” عن رغبتهم بالتمديد لرئيس الجمهورية ميشال عون، الأمر الذي أثار زوبعة ردود أفعال وتحليلات حول النوايا الحقيقية التي تقف خلف تصريحات كهذه، علماً أن التيار الوطني الحر يرفض التمديد كمبدأ عام، فهو سبق أن رفض التمديد للمجلس النيابي بشكل حازم، ورفض التمديد لميشال سليمان أيضاً.
اليوم، هناك كلام من نوع آخر، إذ صدر عن الزميل داوود رمّال، كلاماً الأسبوع الماضي على شاشة “أو تي في” بشأن استمرار رئيس الجمهورية في موقعه حتى ولو انتهت ولايته، وهذا الكلام الذي يرفض رمّال توضيحه أو تفسيره، على اعتبار أنه واضح للغاية، يلتقي مع ما تكشفه مصادر سياسيّة مطّلعة عبر “أحوال”، عن أن الاستحقاق الرئاسي المقبل يرتبط بشكل وثيق مع الإستحقاق النيابي، وبالتالي إن حصل الثاني في موعده في أيار، يحصل الأول في موعده في تشرين الأول، دون تقديم المزيد من التفسيرات.
صعوبة المرحلة تفتح الباب أمام احتمالات كثيرة
لا شكّ أنه لا يزال مبكراً الحديث عن مرحلة انتخابات رئاسة الجمهورية، كذلك مرحلة الإنتخابات النيابية، ولو أن تأجيلها والتمديد النيابي بات خياراً مطروحاً على الطاولة، إنما ما يجري اليوم على صعيد تشكيل الحكومة، والصدام الكبير جداً بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، أوجد نظريات تقول بأن الفراغ الحكومي سيستمر حتى نهاية عهد عون، وأن حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب ستكون حكومة العهد الأخيرة، لأن الوطني الحر لن يسلّم ما تبقى من العهد لحكومة الحريري، بشروطه.
من هنا، يتم إقصاء 15 شهراً من عمر لبنان، للقفز بإتّجاه موعد الإنتخابات النيابية المقبلة، وسط تأكيد المقربين من القصر الجمهوري بأن المراهنين على انتهاء عهد عون، يجب أن يُعيدوا حساباتهم، لأن المجلس النيابي الحالي لن ينتخب رئيس الجمهورية المقبل، والموقع المسيحي الأول في البلاد لن يفرغ مجدّداً.
يعود أصحاب وجهة النظر هذه إلى مرحلة 13 تشرين 1990، ولكن رغم تشابه بعض الظروف السياسية والإجتماعية بين المرحلة الحالية وتلك المرحلة، إلا أن الظروف الدولية لم تعد نفسها على الإطلاق، حتى الجو الداخلي لم يعد نفسه، فهل يحق بالدستور لرئيس الجمهورية البقاء في موقعه بعد انتهاء ولايته؟
ماذا يقول الدستور؟
بعد الطائف، حدّدت المادة 62 من الدستور المعدلة في العام 1990، أنه “في حال خلوّ الرئاسة لأي علّة كانت تُناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء”، وبالتالي فإن انتهاء ولاية الرئيس المحددة بـ 6 سنوات بحسب المادة 49 من الدستور، تُعتبر من ضمن “أي علّة كانت”، وعليه عندما تنتهي ولاية ميشال عون تُناط صلاحياته “وكالة” بمجلس الوزراء، وعليه ترك الموقع.
وفي هذا السياق يشير خبير دستوري عبر “أحوال” إلى إن رئيس الجمهورية ملزم بترك موقعه في اليوم الأخير لولايته، ولا يمكنه البقاء في قصر بعبدا إلا بحال تم التمديد له بعد تعديل الدستور في المجلس النيابي، لافتاً إلى أن الحكومة، بحال كانت حكومة حسان دياب المستقيلة، أو حكومة جديدة ستصبح مستقيلة حكماً فور انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، ستتولى صلاحيات رئيس الجمهورية.
هذا في الدستور.. ماذا عن الأمر الواقع؟
ترفض مصادر “الوطني الحر” الحديث عن مرحلة الإنتخابات النيابية، والإنتخابات الرئاسية، على اعتبار أنه لا يزال هناك متّسع من الوقت لذلك، مشيرة عبر “أحوال” إلى أن التيار الذي رفض التمديد النيابي سابقاً لن يكون متحمساً له اليوم، ولكن أن يتم القفز عن الإنتخابات النيابية والتمديد للمجلس الحالي، والتصويب على رئاسة الجمهورية فهذا أمر لن يمرّ على الإطلاق.
إذاً، حدّد الدستور بشكل واضح كيفية تنظيم مرحلة انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، إنما من قال أن في لبنان يُنفّذ الدستور كما هو، أو يُحترم، وأنه لا يتم تجييره بحسب الظروف، وبالتالي فإن كل الإحتمالات تبقى مفتوحة، وربما يُفرض الأمر الواقع، بحسب القوى المحلية والواقع الدولي، ولنا في لبنان تجارب عديدة في هذا السياق، على اعتبار أن النظام الحالي الذي ثبُت فشله يخلق مع كل استحقاق دستوري أزمة، ومع كل انتخابات فراغ وتمديد، فهل يتكرر التاريخ ويولد للبنان نظام جديد مع نهاية حكم ميشال عون؟